بعد نهاية الحرب العالمية الاولي سنة 1918 و انتصار الحلفاء ومن ضمنهم فرنسا, أعطي هذا شحنا للقوات الفرنسية لتوطيد سلطتها الاستعمارية على البلدان المحتلة , ومن ضمنها المغرب مما أسفر عنه انتشار القوات العسكرية الفرنسية في عدة مناطق حساسة, من ضمنها منطقة تاونات. انتشرت القوات الفرنسية و تم بناء ثكنات عسكرية في جل مناطق الإقليم فكانت عين مديونة من بين أهم المناطق التي شملها الغزو بحيث كانت تشكل تهديد لهذا الاستعمار بحكم تضاريسها الجبلية و بوابة جبال الريف فكان من الضروري بناء قاعدة مخز نية في عين مديونة تحت سيادة العسكرية للفرنسيين سنة 1919 و بنيت هذه القاعدة في المكان الحالي لقيادة عين مديونة
وهي أعلى قمة مستوية في مركز عين مديونة, لماذا اخترت ذلك المكان؟ أولا لوجوده في أعلى نقطة مركزية في المنطقة بحيث أنه يطل على الطريق الرابط بين عين عائشة و عين مديونة و لها واجهة مفتوحة على كل أطراف مركزعين مديونة لتفادي الهجمات المفاجئة. وكانت تتكون هذه القاعدة من منازل للعسكر و مكتب قيادي و بريد و سجن , و برج للمراقبة و خزان للمياه –شاطو الماء-, و لازلت هذه المآثر إلى يومنا هذا لكن بعض البنيات التي هجرت هدمت نظرا لإهمال ترميمها, لازال المنزل الذي يسكنه القائد على أحسن حال و بعض المنازل المجاورة لها . هؤلاء الفرنسيين الذين جاءوا إلي عين مديونة سيطروا على المنطقة بقوتهم البرية و الجوية بمساعدة أعوانهم من خوانة بعض أنباء المغرب, استولوا على أراضي المواطنين و خصوصا من ساكنة دوار ولآد عبد الله نظرا لقربهم من المركز و مثل على ذلك الأرض التي كان يسكن فيها القائد عمر و حاليا في ملك ولآد بوشبتي و مازال هذا منزل إلى يومنا هذا لكنه مهجورا مند تركه من طرف هذا القائد خلال عودة السلطان محمد الخامس من المنفى سنة 1955 . فبني كذلك بقرب من هذا المنزل مطحنة الحبوب التي كانت تحت ملكية فرنسي و مازالت هي الاخرى إلى يوما هذا بحوزة شخص يسمى ولد العياشي , وبجانب هذه المطحنة توجد مقبرة تلقب من طرف سكان المحليين بدريس بلاندي و روايات مختلفة حول تسمية هذه القطعة بدريس بلاندي و هناك من يسمها بديس بلاندي التي تعني بالفرنسية عشرة أقوياء و هناك من يقول أن دريس بلاندي هو صاحب الأرض وأصله من دوار ولآد عبد الله. كانت هذه المقبرة مخصصة لدفن العسكريين من القوات الفرنسية الذين قتلوا خلال المعارك, كان مدفون فيها العشرات من الفرنسيين, لكن مع حصول المغرب على الاستقلال, هدمت هذه المقابر بحيث كان على كل مقبرة صليب رمز للمسيحية و لم يبقى من أثر هذه المقبرة إلا عمود ويقولون بعض الناس بأنه فرنسي مدفون واقف وهذا خطأ, لأن الفرنسيين في عادتهم لا يدفنون الميت عموديا, ولا يزل هذا العمود إلى يومنا شاهدا على الأثر الاستعمار الغاشم, عندما بحثت في أحد كتب أحد مؤارخين الفرنسيين و جد الشخص الذي يلقب بدريس بلاندي عند أهالي المنطقة أن اسمه الحقيقي هو رسبلاندي و كان يشتغل رئيس الشوؤن الداخلية في مركز عين مديونة قتل في 8 ماي سنة 1919 . أما فيما يخص بالمعاناة التي كان يعانها أهل عين مديونة بسبب تواجد المستعمر لم يكن بالأمر السهل بحيث كان المستعمر يفرض مجموعة من الواجبات على ساكنة عين مديونة من بينها فرض الضرائب و سلب الأملاك و ذلك لأجل المصالح العمومية حسب مقصودهم, و غير ذلك من جل أنواع النهب و الاستغلال. كان أعوان المستعمر من القواد و الشيوخ المنطقة هم من يقومون بهذه المهمة في حق إخوانهم لخدمة الأعداء , إذ كان المواطن المغربي بصفة عامة و العين مديوني بصفة خاصة لا يملك شئ يؤديه إلى المخزن يفرضون عليه عملا في الحقل أو في نقل الصخور و ما إلى غير ذلك من العقوبات الأخرى بدون رحمة و لا شفقة و كانوا الناس يعملون مدة طويلة من السنة لصالح المخزن الاستعماري . و يحكى أن قائد عين مديونة الملقب بالقائد عمر كان رافقا شيء ما بمقارنته بالقائد الجرموني الذي كان يحكم قبائل حياينة, وفي 20 غشت 1953 نفي محمد الخامس فتوالت هجمات الريف على منطقة عين مديونة و متيواة و أماكن أخري من صنهاجة لتحرير المنطقة. فكان جبل الكي و القرع شاهدان على عبور عدد كبير من العسكر أهل الريف الذين كانوا لا يملكون إلا أسلحة نارية خفيفة إلى عين مديونة لمحاولة تحريرها من المستعمر , و كانوا يلقبون لدى ساكنة عين مديونة بريافة و عند الفرنسيين بالحركة , وعندما وصلوا إلى عين مديونة من الجهة الشمالية و نزلوا في عين توطنة و هي عين صغيرة موجودة بالقرب من عين الحوت, كانوا يخبرون أهل المنطقة بأنهم إخوانهم و يريدون إجلاء المستعمر من عين مديونة فاستقبلوا من طرف أهل عين مديونة وأعانوهم بالأكل و المسكن,و كانت عندما تبدأ المناورات بينهم و بين القوات الاستعمار تنتشر المدفعيات و الدبابات المستعمر في طرق عين مديونة, تجد دبابات متجهة نحو كزناية و أخرى نحو تازودة و تبدأ المعارك بين الطرفين بينما سكان عين مديونة كل واحد منهم يختر مخبأه فكانوا الناس يحفرون في وسط منزلهم و داخل بيوتهم حفر و كهوف يختبئون فيها عندما تبدأ ضربات المدفعية و طلقات نارية من الجانب الفرنسي ضد هجوم أهل الريف يبدأ الخوف و الرعب يخيم على ساكنة المنطقة . و بفضل شجاعة أهل الريف استطاعوا أن يدفعوا بالقوات الفرنسية من مركز عين مديونة في أتجه الطريق المؤدية إلى عين عائشة إلا أن أوصلوهم إلى الارض المستوية أو مايسمى بلوطة أو واد دردار, في دوار سيدي سعود حيث مكثت القوات العسكرية الفرنسية هناك تحت الخيام عسكرية لعدة أيام في انتظار الدعم من إخوانهم لكن بزوغ فجر الاستقلال حل دون أمل الرجوع هذه القوات إلى مركز عين مديونة , فر القائد عمر و كل أعوان المستعمر مع عودة السلطان محمد الخامس إلى المغرب حاملا معه فرحة و بهجة و حرية لكل مغربي , احتفل المغاربة بصفة عامة و عين مديونيين بصفة خاصة أقاموا الخيام أو الخزنات و أطلقوا البرود في السماء فرحة بعودة السلطان و فرحة بالاستقلال. إذن فضل تحرير عين مديونة يرجع الى العين مديونيين بفضل أهل الريف الذين تربوا على يد محمد بن عبد الكريم الخطابي رحمه الله.